طبق من الاطباق الشعبيه المعروفه في الخليج وخاصة في الشهر الفضيل رمضان ومفيد صحيا للجسم الانسان
لا يعلم أحد إلى أي حقبة زمنية يعود تاريخ الهريس الذي يعتبره الخليجيون وجبة ثمينة، وراقية، ولم يكن يصنع قديما إلا في شهر رمضان، والعيدين وفي ''صباحية'' العروسين، وبالتأكيد لدى الأغنياء طوال أيام العرس التي تمتد إلى السبعة أو الثلاثة أيام عند متوسطي الحال· ما هي قصة الهريس؟ ومن اين يأتي ''غلاه''؟
كان للهريس صيت تشتهي النفس ذكره بين المجتمعين، ولأن الناس في قديم الزمان لم يكونوا في الغالب من الأغنياء، إلا قلة قليلة منهم، فإن طبخ الهريس كان يقتصر على الأغنياء في معظم المناسبات، وعندما يفعلون ذلك فإنهم في العادة يبعثون بأطباق الهريس إلى كل من حولهم من الجيران سواء كانوا على علاقة بهم أو لو لم تكن هناك علاقة، فالناس قديما كانوا يعرفون بعضهم بالاسم وإن لم تكن هناك صداقة أو علاقة جيرة بينهم·
في كل حارة أو منطقة من مناطق الخليج هناك أناس يعرفون بين البقية بأنهم ''خبراء هريس'' من حيث الإتقان· وفي دبي تحديدا عرف الناس سيدة كانت تتشارك هي واختها ''رحمها الله'' في صنع الهريس، إذ كانتا مشهورتين بخروج ''قدر'' طنجرة هريس لذيذ من بين أيديهما، وعندما توفيت إحداهما بقيت الوالدة خديجة خميس على نفس الدرب وفاءً لأختها، وطلبا للأجر والثواب من الله، فمهمتها أن تنفق جزءا من مالها لصنع الهريس وتوزيعه في حب الله على جيرانها الفقراء وأطفالهم، فهي تعرف أنهم ينتظرون ذلك الهريس الطيب، وهم ينتظرون ذلك العطاء الذي لم يتوقف·
وطريقة صنع الهريس الأساسية هي واحدة في كل دول الخليج، وبين قبائل تلك الدول ومنها نحن في الإمارات· ولكن هناك اختلافا بسيطا جدا يعتبر اختياريا عند بعض الدول· فمثلا عند صنع الهريس في المملكة العربية السعودية تضاف حبات الهال (هيل أو حبهان)· وقد اخترعت فتيات اليوم تزيين وجه الهريس بأعواد البقدونس·
وفي مملكة البحرين يضيفون القرفة، والبعض يضيف السكر، وهي مسألة ذوق· ولكن نحن جميعا متفقون على المناسبات التي يقدم فيها الهريس، وعلى طريقة الصنع الرئيسية، وأهم ما في ذلك الاتفاق أن الهريس يطبخ على الأقل مرة في الأسبوع في شهر رمضان لدى العائلات التي ليس لديها من يقوم بضرب الهريس، لأن حبات القمح لابد أن تختفي ولا تترك ظاهرة للعيان· فلابد للطبق الذي يصل للناس الذين نرسل اليهم، أو للضيوف الذين يأتون لتناول القهوة بعد التراويح ان يكون متجانساً وإلاّ سوف يقولون(هريستهم مب مضروبة عدل)· لقد تم اختراع ماكينة ضخمة تشبه تلك التي يحفرون بها الشوارع يدويا لضرب الهريس حتى يصبح متشابكا هو واللحم فيعطي منظرا لطيفا مثل عجينة رخوة غير سائلة· ولكن سبحان الله يكون مذاق الهريس الذي يضرب بـ(مضراب) خشب ألذ وأشهى، ويصنع ذلك المضراب خصيصا فقط للهريس·